( نـــــــــــواعــــــــم )
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

لافساد المتبادل بين السياسة والصحافة

اذهب الى الأسفل

لافساد المتبادل بين السياسة والصحافة Empty لافساد المتبادل بين السياسة والصحافة

مُساهمة من طرف سمية 2007-11-15, 10:53

لافساد المتبادل بين السياسة والصحافة 11_12_11 لافساد المتبادل بين السياسة والصحافة 11_12_11 لافساد المتبادل بين السياسة والصحافة 11_12_11لافساد المتبادل بين السياسة والصحافة 11_12_11
طغت السياسة بمعناها الرسمي على الصحافة، واحتل السياسيون مقاعد الصحافيين، ففشلت السياسة في تلميع وجهها، وفشلت الصحافة في أداء رسالتها، وكانت الضحية هي الحرية التي بسبب نقصها أو غيابها، تراجع الاثنان، السياسة والصحافة، على نحو ما نرى ونعرف كما في ظل حالة ملتبسة تبدو شديدة الخطورة، تترجم فكرة السلطة المطلقة. لافساد المتبادل بين السياسة والصحافة 11_12_11
وعبر تطور الأحداث والعصور، انتقل التحكم في السياسة، والانفراد المتتالي بالسلطة ونفي الآخر، أو على الأقل إضعافه واستنزاف قواه، إلى الصحافة بصورة كربونية، وعايشنا، على سبيل المثال، انفراد حزب أو زعيم بالسلطة مما نتج عنه تجميد مسؤولين وسياسيين ووزراء في مقاعدهم عشرات السنين.
وفي المقابل، عايشنا صحافيين كباراً ورؤساء تحرير، تكلسوا في مناصبهم عدد السنين نفسه، من دون تغيير أو تطوير بنفس نهج السياسيين والوزراء، فمن أين إذن يأتي الابتكار؟ وكيف يتحقق التطوير؟ بل كيف لا يتحقق النجاح لتحالف الفساد والاستبداد الهاجم على الجميع؟
ولقد لعبت فكرة القائد الملهم والزعيم الأوحد، صانع السياسة وصاحب القرار وحده، وهي فكرة استبدادية شيطانية، دورها في تحقيق نظرية الإفساد المتبادل بين السياسة والصحافة، وأطبقت هذه النظرية بالتالي على كل مؤسسات الدولة والمجتمع، في غياب الحرية والنظم الديمقراطية السليمة، التي تشارك وتحاسب وتعاقب وتعوق الانفراد بسلطة القرار السياسي، والانفراد بصياغة الرأي العام وتوجيهه بواسطة الصحف ووسائل الإعلام الخاضعة للهيمنة الحكومية.
وكان من نتائج هذه الحالة المعادية للديمقراطية، المتمسكة بالاستبداد السياسي والصحافي، إفراغ الحياة السياسية من القوى والمنظمات والأحزاب، القادرة على المنافسة، من أفكارها وطموحها وكوادرها، وبالتالي انطبق الوضع على الصحافة، التي تم إفراغها عبر عقود من آرائها الحرة وسياساتها التحريرية المهنية والمستقلة وكواردها الموهوبة والمدربة. وأصبح الميدان فسيحاً لا رقابة عليه أمام المتحكم الأوحد والشلة الواحدة.لافساد المتبادل بين السياسة والصحافة 11_12_11
وبقدر الإفقار المنظم للحياة السياسية وإفراغها من أجيال جديدة وشابة، تم نفس الإفقار المنظم للصحافة والإعلام، وحرمان أجيال متعددة من فرصتها في العمل والإبداع والترقي، فإذا بنا نوضع دائماً أمام “الخواء” في ظل احتكار المناصب والمواقع لمصلحة أفراد معدودين، انتهت مدة صلاحيتهم وتشعبت مصالحهم وأطماعهم، وإذا بنا نفاجأ في كل وقت بسؤال مستفز يقول: ومن البديل.. هل هناك بديل؟
والسؤال مستفز، فضلاً عن أوصاف أخرى أشد قسوة، لأنه يعني أننا يجب أن نقبل بالوضع القائم في السياسة كما في الصحافة، وأن نقبل بنظرية “الرجل الضرورة” الذي لا يمكن الاستغناء عنه، لأنه ليس له بديل، وهي نظرية نزلت من أعلى إلى أسفل، فسادت مجتمعاً عريقاً كبيراً ضخم السكان (75 مليوناً) مثل مصر، 65 في المائة منه تحت سن الثلاثين، ويرسل صباح كل يوم 19 مليون طالب إلى المدارس، ويبني باستمرار أجيالاً شابة متعلمة ومؤهلة تشغل كل المناصب، إن أخذت فرصتها.
***لافساد المتبادل بين السياسة والصحافة 11_12_11
والحقيقة أن طغيان السياسة على الصحافة بهذا الشكل، الذي أدى إلى تطويعها وتدجينها، ليس قاصراً على مصر من دون غيرها من الدول الفقيرة والمتخلفة وغير الديمقراطية، لكنه نموذج شائع، كما أن هذا الطغيان ليس وليد هذا العصر، ولكنه كان قائماً حتى في ما تسمى المرحلة الليبرالية المصرية الشهيرة، في ما بين 1920 و،1952 ولكنه للأمانة تزايد في ما بعد، وصولاً لحالة الالتباس والتشابك الراهنة بين السياسة الحكومية والصحافة والإعلام.
فإذا كانت أحزاب المرحلة الليبرالية المشار إليها تصدر صحفها وتتحكم فيها، وتخضع توجهاتها التحريرية لسياساتها وأهدافها الحزبية، فإن تأميم (أو تنظيم) الثورة للصحافة عام ،1960 قد أخضعها للتوجيه الحكومي وإلحاقها من الناحية النظرية، على الأقل، بالمنظومة السياسية الرسمية، وصارت الصحف مملوكة وتابعة للتنظيم الواحد، الحزب الواحد، الاتحاد القومي، فالاتحاد الاشتراكي، فحزب مصر، فالحزب الوطني.
وإذا كانت السنوات العشر الأخيرة، قد شهدت انفراجة ملحوظة في صدور صحف خاصة ومستقلة جديدة، كسرت جدار الاحتكار السياسي الرسمي للصحافة (10 مؤسسات قومية كبرى)، تلازم معها إطلاق محطات إذاعة وتلفزيون خاصة، ناوشت الجهاز الإعلامي الرسمي الضخم، فإن الحقيقة الراهنة، تؤكد أن الدولة بكل ثقلها السياسي لا تزال محتكرة للفضاء الإذاعي والتلفزيوني الأكثر تأثيراً وجاذبية، ولا تزال مهيمنة على الصحف القومية، التي تحتكر أكثر من 80 في المائة من سوق القراءة والتوزيع والطبع والإعلان.لافساد المتبادل بين السياسة والصحافة 11_12_11
وهي بهذا تؤكد أن الدولة تحتمي دائماً بسلاحين نافذين، هما الأمن من ناحية، والصحافة والإعلام من ناحية أخرى، لكنها تتجاهل في الوقت نفسه أن هذه الأوضاع الاحتكارية للسياسة والصحافة، قد أفرزت تجمداً في الأوضاع العامة، وأغلقت كل الطرق أمام مستقبل أجيال شابة، قادرة على التطوير والتغيير، وأطلقت العنان لحالة الإفساد المتبادل، فالسياسة، وتدخل السياسيين، أفسدا الصحافة، والصحافيون المحتكرون للمناصب المقربون للسلطة أفسدوا السياسة وأعاقوا الإصلاح الديموقراطي، بسيل النفاق ومدبجات الرياء، وتجاهل مصالح المجتمع.
ولذلك لم يكن غريباً أن يتجمد هؤلاء وأولئك في مناصبهم سنين عددا، وهم على ثقة كاملة بأن لا بديل لهم، وأن ضمان بقائهم يرتبط بمدى ولائهم لصاحب القرار وحده من دون سواه، وانظر كيف جرى، ويجري الحال في كل المناصب الوزارية والسياسية والصحافية والإعلامية. الكل يتحرك وفقاً للتوجيهات، ويكتب طبقاً للتعليمات، أما حين تجيء لحظة التغيير، لسبب يحدده صاحب القرار، مثلاً يحدد توقيت تنفيذه، فالظل الكئيب والتجاهل الكامل ينتظر صاحب الحظ السعيد، أما نقيضه صاحب الحظ السيئ، أو المغضوب عليه، فالهلاك مصيره، مع مزيد من التشنيع والتجريح والاتهام بالفساد والاستبداد.
ولم يكن غريباً، أيضاً، أن يفقد المواطنون الثقة بمثل هذه القيادات الوزارية والسياسية، وأن يعبروا عن ذلك أصدق تعبير، على سبيل المثال، بعدم المشاركة في الانتخابات، وتدني نسبة التصويت إلى أقل من 10 في المائة في معظم الحالات، وألا يسألوا لماذا ذهب هذا الوزير ولماذا فقد هذا النائب مكانه في قائمة الحزب الحاكم، لأنهم لم يعرفوا منذ البداية، لماذا جاء هذا، وعلى أي أساس أو كفاءة نجح ذاك.
ونفس المنطق ينطبق على قادة الصحافة ورؤساء التحرير المعينين، أصحاب السلطة المطلقة، لم يعد الرأي العام القارئ والمتابع، يهتم بمن جاء وبمن ذهب، فالكل سواء، والقرار السياسي، وليس المهني، هو المرجع النافذ، طالما أن الرأي العام ليس هو مصدر الشرعية والمصداقية، كما يحدث في صحف النظم الديموقراطية.
ولم يكن الرأي العام وحده الذي فقد الثقة سواء بالعملية السياسية، أو بالصحافة، بعد أن تبادلا الإفساد المنظم، بل إن مسؤولين كباراً طالما عبروا عن شيء من هذا القبيل، وانظر على سبيل المثال، كيف يتعامل وزير ضليع في الحكومة مع الصحافة، لأن مفهومه لرسالتها غائب، بل هو ينظر إليها كما ينظر إلى شركة خاسرة أو مصنع يعاني من إضراب عماله، إذن فالحل هو البيع.لافساد المتبادل بين السياسة والصحافة 11_12_11
على الجانب الآخر، انظر إلى مسؤول آخر كيف يغضب ويثور لأن صحيفة انتقدت بعض سياساته، ويتساءل: كيف تفعل ذلك، أليست هذه الصحافة “تبعنا”؟
وما بين سياسة البيع وسياسة التبعية، تتعمق أزمة الصحافة المصرية، ويزداد فقدانها للثقة والمصداقية ويتراجع قراؤها، وتحبط كوادرها، وتتدهور قيمتها وتقاليدها المهنية، وتفقد حتى هامش الحرية المحدود الذي تتمتع به، لأن الساسة والمسؤولين الغاضبين منها، وعليها، يتحفزون للانقضاض على هذه الهامش، تقييداً وتكبيلاً، ولأن قادة الصحافة أنفسهم انصرفوا إلى اهتمامات ومصالح أخرى.
وفي هذا المناخ الضبابي، الذي طغت فيه السياسة والسلطة على الصحافة، وانجرفت فيه الصحافة في منحدر التبعية والانسياق والخضوع للسلطة، كان طبيعياً أن ينجح تحالف الفساد والاستبداد، في غزو الاثنين معا، السياسة والصحافة، وأن يخلق حالة غريبة من عدم التوازن، بل من غياب الحرية بمفهومها الواضح، ناهيك عن المحاسبة والمساءلة والمراقبة.
وفي هذا المناخ الضبابي الملتبس كان طبيعياً أيضاً، بعد أن اخترقت فيه السياسة والسلطة الصحافة، حتى أفرغتاها وأضعفتاها وحوّلتاها إلى مجرد بوق دعائي، أن تهجم الاختراقات الأجنبية لتقدم البديل المستورد، مسلحة بالتمويل المنساب والأفكار الجاذبة والتكنولوجيا الحديثة، لتصدر صحفاً براقة وتطلق فضائيات جذابة، تكتب وتنتقد وتتحدث وتتحاور حول أمورنا بحرية يفتقدها الرأي العام، في صحفه وإعلامه، فيهجرها من دون أسف.
لقد آن الأوان، في ظل كل ذلك، أن نعيد تحديد العلاقة بين الصحافة والسلطة بعد كل ما جرى ويجريلافساد المتبادل بين السياسة والصحافة 11_12_11لافساد المتبادل بين السياسة والصحافة 11_12_11
سمية
سمية
نــــــاعـــــــم خالص
نــــــاعـــــــم خالص

انثى
عدد الرسائل : 187
العمر : 39
الدولة : الجزائر
تاريخ التسجيل : 14/09/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى